السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصبح مجال تطوير الألعاب لافتا للنظر، لأن الكثير من الناس يحلُمون بصنع ألعابهم الخاصة، معظمهم من محترفي ألعاب الفيديو. وبعضهم لديه أفكار و قصص يريد نشرها كألعاب لتصل لجمهور عالمي، وآخرون يريدون منافسة الشركات الكبار وتطوير السوق العربي في هذا المجال.
لكن المشكلة أن المهمة تبدو شبه مستحيلة للمبتدئ، ربما لأنه ،عامةً، لا يتم تدريس مواد متعلقة بمجال تطوير الألعاب في العالم العربي، وهناك من لا يمتلك الخبرة التقنية الكافية لذا يرى الطريق أمامه طويل ومتعب، ومنهم من شرع في البدء ثم توقف لتفاجئه بالعقبات والصعوبات، أو لعدم وجود مصدر تعليمي عربي جيد.
لذلك أردت إنشاء هذا الموقع، ليكون مرجع للتعلم عن تطوير الألعاب، يشرح المفاهيم الأساسية ويساعد المطورين على حل مشاكلهم، ويصبح منصة يساهم الجميع فيها، ويحث على نشر العلم في معظم مجالات التقنية، لأن تطوير لعبة معينة عملية تحتاج إلى خبرات من قطاعات متعددة، ومنها:
- البرمجة والشبكات
- الذكاء الاصطناعي
- الهندسة والفيزياء
- الرسوميات والإضاءة
- التحريك
ومن الجانب الفني:
- الرسم والتصميم
- التمثيل وتأدية الأصوات
- الموسيقى والمؤثرات الصوتية
- المؤثرات البصرية والسينيمائية.
وفي القطاع المهني: التسويق وإدارة العمل.
فهو عمل متكامل من النواحي التقنية والفنية، لهذا، لعبة كبيرة مثل Destiny كلفت ما يقارب 140$ مليون لتطويرها [1].
كيف ترتبط كل من هذه المجالات بتطوير لعبة؟
البرمجة والشبكات:
البرمجة هي أساس اللعبة، هي ما تعرض لك اللعبة والقصة على وتيرتها المنظمة، وتسمح لك بالتحكم بشخصياتها وأدواتها، وتدعك تحقق أهدافك وتهزم نقاط أصدقائك. وإذا كنت تريد اللعب معهم على الشبكة، فسوف تذهب إلى نمط تعدد اللاعبين، وهو يعتمد على نظام الشبكات أو Networking، الذي يوصل العديد من الأجهزة بعضها ببعض، ويستخدم خوادم Servers عالمية لتحقيق أفضل تجربة.
الذكاء الاصطناعي:
بالتأكيد قمت بمواجهة أعداء سابقين أثناء مسيرتك في ألعاب الفيديو، أو ربما كانوا يساعدونك، هؤلاء قائمون على علم الذكاء الاصطناعي. في السابق، الذكاء المستخدم في الألعاب كان مختلفًا عن الأنظمة الحالية، حيث كان يعتمد على الشروط البرمجية الثابتة، ولكن بتطور الأجهزة أصبحت بعض الألعاب تستخدم ما يعرف ب Machine Learning، مما يعطي فرص إبداعية جديدة، مثل تغيير أعدائك والتلاعب بمهاراتهم حسب قراراتك السابقة في اللعبة.
الهندسة والفيزياء:
نعم، هناك فائدة لقوانين حساب مساحة الأشكال وطول المتجهات بالهندسة والرياضيات، وقوانين المقذوفات وحساب قوة التصادمات بالفيزياء، ولولا هذه الفائدة لما تم إجبارنا على تعلمها في المدرسة (صحيح، هي ليست أفضل طريقة لتعليمنا). وأوضَحُ الأمثلة هي لعبة angry birds، فكيف يتم حساب موقع سقوط العصفور، ورسم خط للطيران، بمجرد شدك للحبل؟ لا أعتقد أنه مجرد تخمين، يمكنك القراءة عنها هنا.
التحريك:
هي الحركة الطبيعية للمجسمات أو الشخصيات، التي يصعب تمثيلها بالحركة الخطية، كحركة اليد للاعب كرة السلة، أو القفز والركض، وحتى المشي، كلها تحتاج لعمل مخصص، وبشكل عام، يكون بطريقتين:
الأولى باستخدام لاقط الحركة Motion Capture، حيث يقوم ممثل بأداء الحركة المرغوبة أثناء تصويره من جهاز خاص، لتتحول إلى ملفات يمكن للحاسب أن يفهمها. وهي التقنية المستخدمة في معظم ألعاب كرة القدم. وتستخدم للألعاب ثلاثية الأبعاد غالبا.
والطريقة الثانية، التي تصلح للبيئة ومجسماتها، أن تتم عملية الحركة يدويا، عن طريق تحريك كل جزء من المجسم وحفظ لقطة لكل حركة، أو ما تعرف ب key-frame، وتسجيل جميع ال key-frames وعرضهم بالتسلسل المسجل. وهي تتطلب وقتا طويلا وخبرة على حسب الحركة المطلوبة لكن قد تعطي نتائج أفضل من ال Motion Capture بالنسبة للشخصيات.
الرسم و التصميم:
بعد تحديد فكرة اللعبة، يقوم فنّانوا الفكرة Concept Artists برسم مبدئي ، غالبا على الورق، لتوضيح شكل أجزاء اللعبة كالبيئة والشخصيات والمجسمات والكائنات الأخرى. وبعد ذلك، يقوم المصممون بتحويل الرسمات على جهاز الكمبيوتر إلى مجسمات ثلاثية الأبعاد، أو رسومات ثنائية الأبعاد، على حسب نمط اللعبة. باستخدام برامج التصميم مثل Maya، Blender، وبرامج للرسم ثنائي الأبعاد مثل Photoshop أو illustrator.
الرسوميات والاضاءة:
بعد تصميم البيئة والمجسمات ووضعهم في اللعبة، يجب على الحاسب أن يعرضهم على الشاشة أثناء اللعب، هذه العملية تعرف بالعرض أو Rendering، وهي تعتمد على عمليات حسابية تحدث في بطاقة الرسوميات Graphic Card أو GPU بعد أن يقوم المعالج CPU بإرسال البيانات لها، وبما أن الألعاب الأكثر تطورا تقوم بعمليات حسابية معقدة لعرض اللعبة بتفاصيل دقيقة، فهي تحتاج لبطاقة رسوميات أقوى. والإضاءة جزء من هذه العمليات، لكنها في الغالب تحتاج لمهندس مختص يقوم بكتابة أكواد تحدد تفاصيل الإضاءة في كل منطقة أو لكل جسم، ولحسن حظِّنا، محركات الألعاب سَهَّلت هذا الموضوع.
التمثيل وتأدية الأصوات:
صوت الشخصية أو المُحدِّث من أهم ما يجذب اللاعب لمعرفة القصة وفهمها، وتمثيله يحتاج لخبرة خاصة كما في الأفلام أو المسلسلات، لذلك تقوم الشركات الكبيرة بتوظيف ممثلين صوتيين للتحدث مكان الشخصيات أو راوي القصة، وأحيانا يتعلق اللاعبون بلعبة بسبب ممثل معين، إذا كانوا يحبون أداءه وتمثيله.
الموسيقى والمؤثرات الصوتية:
أعني بالموسيقى هنا النغمات التي ترافقك أثناء اللعب، التي تشتد حين يصعب الموقف وتهدئ حين تستريح. يقال أنها تُخَرّب أو تُصلِح اللعبة، بسبب أهميتها في إبقاء اللاعب وجذبه وأحيانا توصيل مشاعر تتعلق بمشهد معين داخل اللعبة. أما المؤثرات الصوتية فهي تشعر اللاعب أنه يتفاعل مع البيئة، وتعطي لأفعاله وزنا وتأثيرا، أكثر مما تعطيه الحركة وحدها. وجميعهم يحتاجون لمتخصصين في الصوتيات.
المؤثرات البصرية والسينيمائية:
تستخدم المؤثرات البصرية كعامل لزيادة الواقعية والتفاصيل في اللعبة أو المشهد, كالمطر و الرياح, دخان المحركات, الانفجارات والحرائق, أو عند الاصطدامات, وكلها تزيد من الحماس وتبقي اللاعب منتبها. أما المشاهد السينيمائية فهي توضح حدث أو فكرة معينة, وغالبا ما تُعرض قبل أو بين المراحل.
مازال هناك الكثير من المجالات التي لم أتطرق إليها، مثل الواقع المختلط MR ويتجزء منه الواقع الافتراضي VR و الواقع المعزز AR، وهما على تصاعد في الشهرة والطلب.
إذَا, كيف لي صنع لعبتي الخاصة, إن لم أمتلك أي من هذه الخبرات؟
لهذا وُجدت الأدوات كمحركات الألعاب، وبرامج الرسم والتصميم وتعديل الأصوات والحركيات، وهي موضوع المقال القادم بإذن الله.
Icons made by Prosymbols from www.flaticon.com is licensed by CC 3.0 BY
Icons made by Freepik from www.flaticon.com is licensed by CC 3.0 BY